ستظل بصمات الفقيد الحضارية خالدة في تاريخ المملكة والمنطقة التي تولى إمارتها لما يقرب من عقود ثلاثة ، رسم خلالها رؤية مستقبلية لتنمية المنطقة ولبناء الإنسان فيها . وقد تجسد ذلك واقعاً ملموساً على أرض الواقع ، في العديد من الإنجازات التنموية النوعية .<br /><br />لقد شغل الأمير الراحل العديد من المناصب البارزة ، وتميز يرحمه الله بأعماله الخيرية والإنسانية، ومبادرته الوفية ودوره الإستثنائي الذي لعبه منذ الساعات الأولى لغزو الكويت ، فقد تواجد شخصياً في وقت قياسي على الحدود لإستقبال القيادة الكويتية ، التي كان على رأسها الشيخ جابر الأحمد الصباح يرحمه الله ، الذي أقنعه الفقيد بالإنتقال إلى العمق السعودي لضمان سلامته ومرافقيه .<br /><br />ونستشهد على بصمات الفقيد التي تركها في المنطقة ، في إطار الكلمة الضافية التي جاءت على لسان صاحب السمو الأمير سعود بن نايف سلمه الله ، في حفل تكريم المرحوم بعد إنتهاء فترة تكليفه اميراً للمنطقة الشرقية . ذلك الحدث النموذج في التقدير والإحترام ، والوفاء لأخيه أكرم الله مثواه . فقد أشار سموه إلى "الجهد الكبير الذي قدمه ، والمتمثل بإنجازات في مختلف المجالات ، والتي قال عنها سمو الأمير سعود بأنها ستبقى " شاهدة على خدمته للوطن ولأبناء المنطقة ، لثلاثة عقود مثلت نقلات نوعية في تاريخ المنطقة ، التي أصبحت مثالاً للتطور والنماء في جميع المجالات" ، مضيفاً سموه "سوف نتذكر بكل التقدير والإحترام وعلى الدوام ، ما قام به سمو الأمير محمد بن فهد من أداء صادق ومخلص واتقدم بالشكر والعرفان لسمو الأمير بإسم أهالي المنطقة على كل ما قدمه من جهود" .<br /><br />وفي هذا الصدد ، وفي لمسة وفاء من اهالي المنطقة الشرقية ، جاء اصدار الأهالي كتابًا خاصًا عن منجزات سموه التنموية في المنطقة تحت عنوان "الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز خمسة وعشرون عاما من تاريخ المنطقة الشرقية" .<br /><br /><br /><br />وجاء على لسان الفقيد يرحمه الله احاديث صحفية في العديد من المناسبات حول علاقات المملكة بالعالم ، وعن يومها الوطني . ومن بين ذلك ما أكد عليه يرحمه الله بقوله " بأن المملكة العربية السعودية تبني ولا تهدم ، وعلاقاتها العالمية والدولية دائمًا متميزة ، تتمنى الخير للجميع ، وتعمل لخير الجميع" .<br /><br />ومن جهة أخرى ، قال يرحمه الله عقب إفتتاحه معرض "سيرة وإنجاز" الذي نظمه فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمنطقة الشرقية بمناسبة اليوم الوطني: «أنا أفخر بهذا الوطن الكبير الذي أسس على التقوى وكلمة "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ودستوره القرآن ، حيث أن السياسات العامة لتوحيد هذه البلاد حدثت بطريقة لم يسبقها إليها أي تجمع سابق منذ عصور طويلة ، والملك عبدالعزيز رحمه الله وحد هذه البلاد على المحبة والإخاء بين أبناء ، وأتى من بعده أبناؤه الذين طبقوا ما أمر به ، وقاموا بتطوير هذه البلاد ، وعملوا على خدمة الوطن والمواطنين في هذا البلد العزيز .<br /><br />وحيث ان لكل منا في هذه الحياة ، تجاربه وعلاقاته وممارساته الشخصية والمهنية ، التي تجر خلفها بعضاً من الذكريات التي تتعلق بمواقف وأماكن وشخصيات ، فإن للكاتب أربعة مواقف شخصية ذات صلة بالفقيد تغمده الله برحمته الواسعة .<br /><br /><br /><br />وحيث ان المجال هنا لا يسمح بتناولها تفصيلاً ، ولكن رغبت أن أشير اليها هنا ، من منطلق أنه لايشكر الله من لا يشكر الناس .<br /><br /><br /><br />أولها مرتبط بترشيحي من لدن سموه ب "عضوية مجلس الشورى" وهو تكريم أعتز به ، وفرصة فريدة من نوعها لدارس إقتصاد وعلوم سياسية ، تقدير من سموه حال دون تحقيقه ، إنتقالي للعمل من غرفة الشرقية إلى هيئة الإستثمار .<br /><br /><br /><br />والأمر الثاني ، هو إختياري عندما كنت أعمل عميدا لشؤون الأساتذة في الجامعة من قبل سموه ل "إلقاء كلمة أهالي المنطقة" الترحيبية بالأمير سلطان بن عبدالعزيز يرحمه الله . كان تقدير كبير جداً من سموه يرحمه الله ، وتجربة جميلة بلاحدود ، فقد جمعتني لأكثر من لقاء بسمو نائب أمير المنطقة آنذاك الأمير سعود بن نايف سلمه الله ، الذي أشرف على استكمالي للكلمة ، بالشكل والمحتوى المناسب . وقد سر سموه بأن الكلمة كانت مختلفة ، فقد إلتقى النثر والشعر فيها في آن ، ما أدى إلى الترحيب الواسع بمحتواها .<br /><br />وثالث الأمور هو التعامل المهني لسمو الأمير محمد بن فهد تغمده الله بواسع رحمته ، مع "مشروع مجتمعي" عرضته على سموه ، تلقاه سموه بالقبول ، وبإصدار أمر إداري بدراسته ، ووجّهني سموه بطرحه على اثنتان من لجان مجلس المنطقة لاهميته ، حيث كان يتعلق بالسلامة المرورية والتوعية الشبابية . ولحسن الطالع ، فان المشروع لايزال يؤدي خدمات مجتمعية جليلة للمنطقة ، برعاية كريمة من صاحب السمو أمير المنطقة وسمو نائبه يحفظهما الله .<br /><br /><br /><br />اما الموضوع الرابع ، فيتعلق بإجتماع طلب مني المشاركة فيه ، حضره عدداً من أعيان وشخصيات المنطقة ، بعضهم حي يرزق ، وأبلغت فيه عن رغبتهم في تقديمي لسمو الأمير محمد بن فهد يرحمه الله و "ترشيحي مديراً عاماً" لمكتب سموه ، حيث كان سموه قد وصل للتو للمنطقة . ولكني ، وربما لقصر نظر من جانبي ، اعتذرت عن تحقيق رغبتهم ، من منطلق أنني إبن المنطقة ، ومعارفي كثيرين ، فإنني لن أصبح عوناً لسموه ، بل ربما أشكل عبء عليه ، وهو التبرير الذي لم يلقى إستحسان بعض شخصيات المنطقة ، ولكني رأيته القرار الصائب ، وبقيت عميداً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ، مقر عملي آنذاك .<br /><br /><br /><br />تقبل الله فقيدنا الغالي سمو الأمير محمد بن فهد في الصالحين، وأتقدم بخالص العزاء لصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سعود بن بندر نائب أمير المنطقة الشرقية، وللأمراء والأميرات أبناء وبنات الفقيد وكل محبيه .<br /><br />أنا لله وانا إليه راجعون .