<br />يعيش العالم اليوم نضجاً معرفياً اقتصادياً يتمثل في اتساع دائرة المنشآت الصغيرة والمتوسطة باعتبارها قاعدة مهمة في استدامة الاقتصاد وخلق فرص العمل المتنوعة لاستيعاب ذوي المهارة وتدريبهم، وخفض معدلات الفقر لذوي التعليم المنخفض، وفي الوقت ذاته برزت أهمية ريادة الأعمال والعناية بها ابتداءً من مرحلة الطفولة وحتى نهايات التعليم الجامعي وما بعده، إلا أن المتابع لواقع المؤسسات التعليمية بمختلف فئاتها يلحظ قصورها في احتضان روح ريادة الأعمال، رغم الجهود الرسمية والمتتالية لإدخال المفهوم ضمن المنظومة التعليمية، والوقوف عند تعريف المتعلمين والمتعلمات بالمفاهيم النظرية العامة لريادة الأعمال، مقارنة بتنمية المهارات العملية التطبيقية للمفاهيم كتعزيز التفكير الريادي، والإبداع، والابتكار.<br />ومن هنا برزت الحاجة لتفعيل أدوار المدارس المسائية في استقطاب رواد الأعمال بالتعاون مع الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وبنك التنمية الاجتماعية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، لتطوير المهارات القيادية لرواد الأعمال، وبناء نماذج الأعمال واحتضانها بمختبرات ريادة الأعمال، ومن ثم تبنيها وإطلاقها كشركات ناشئة صغيرة ومتوسطة تسهم في استثمار أوقات الشباب فيما يعود عليهم بالنفع والفائدة، ويستوعب الراغبين والراغبات بالعمل، وتحقيق عوائد ذات أثر اقتصادي واجتماعي على الفرد والمجتمع مما يتطلب تغييراً ثقافياً حيال نظرتنا للتعليم الرسمي، والانتقال من التنظير المجرد إلى تشجيع المتعلمين والمتعلمات على التفكير خارج الصندوق، وتعلم المهارات التي تهيئهم للنجاح في بيئات العمل المتغيرة. وبهذا يتأكد الأمر باحتضان مدارسنا لرواد الأعمال في ظل التحديات الاقتصادية والتغيرات السريعة التي نشهدها في العالم، والتي تشير إلى مواجهتهم لعدد من التحديات والفرص النوعية المتطلبة للمهارات والإبداع المعرفي والمهاري، وتوظيف الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والبيانات الضخمة، والتكنولوجيا المستدامة مع تزايد الوعي بتغير المناخ، وتعدد قنوات الاقتصاد الرقمي، وشيوع التجارة الإلكترونية، والتطبيقات المالية، والتقنيات المالية وغيرها.<br />فرواد الأعمال يرون الأزمات محطات للوصول إلى تحقيق أهدافهم، وفرص للنجاح واختصار الزمن في إنضاج الأفكار وتحقيق النجاحات السريعة الممهدة للنجاحات الكبرى؛ بينما الآخرون يرون الأزمات مواسم للفوضى والارتباك، وحلقات فارغة ومتاهات مولدة للمشاكل والعقبات المعيقة للتقدم في الوصول للأهداف الحياتية الكبرى. ويتسمون بعنايتهم كذلك بإحداث التغيير الداخلي لإيمانهم بأن التغيير لحظة إلهام تنطلق من الداخل محاطة بالتحفيز بضرورة الإنجاز للمهام، وتحقيق الانتماء للمحيط الشخصي، وإبراز نقاط القوة وتسريعها ومعالجة نقاط الإخفاق بصورة منظمة وفق خطة زمنية.<br />