<br />من كان يصدق أن يفعلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويوسع حربه الاقتصادية على دول يعتبر الاقتصاد الأمريكي هو المستفيد الأول من الاتفاقيات التجارية معها؟، ويورط الشركات والأفراد من شعبه بتلقي نتائج ردات فعل غاضبة تجاه تلك القرارات؟ لتبدأ موجة غلاء جديدة على سوق لم يتشافى كلياً من التضخم بعد، وقد يرتد بأثره السلبي على العالم.<br />بدأت حربه بمسمى الحمائية وكانت مقبولة نوعا ما حتى انقلبت إلى حرب اقتصادية صريحة مع الصين لينقسم العالم لقسمين، ولكن اليوم تتنفس الصين الصعداء، لأن الحرب لا تشن عليها وحدها، فالشر حين يعم يقل ضرره، ويبدو أن الصين أكثر الدول في هذه الحرب استعداداً لها، فقد أمضت طيلة السنوات السابقة في محاولة الإصلاح والتركيز على الثغرات التي تضررت منها منذ بداية الحرب، حتى تستقل وتمنع تكرار الضرر عليها، فها هي ما فتأت تبهر العالم بأنها قادرة على مجارات أي وضع تقع فيه.<br />اليوم، ومع التهديدات واتخاذ القرارات الأمريكية، يتجه العالم نحو الحمائية أيضاً، كتصعيد متبادل ومتوازن وإلى تعزيز التنافسية التجارية، فهل هذا الأمر جيد؟ وهل يعود بثماره على السوق الأمريكية؟ وإن كانت أهداف الرئيس الأمريكي نابعة من حرصه على وطنه بتقويض الممارسات الغير مشروعه ومحاربة عصابات المخدرات والجرائم، ولكن بالطبع لها ثمن غالي أيضاً.<br />يبدو من الوهلة الأولى أن المتضرر الأكبر من هذه الحرب في حال سن القرارات وتفعيلها هي السوق الأمريكية والدولار الأمريكي رغم قوته الآنية. لذلك، أطلق الرئيس الأمريكي التهديدات ملوحا بالتصعيد في حال أي ردات فعل، ولكن يبدو أن درس الصين أعطى الجميع القوة والتأهب.<br />كما أن الاقتصاد الأمريكي وخزينته ليستا بخير بعد المشاركة في حروب لا ناقة لأمريكا فيها ولا جمل وهو ما أدى إلى الأزمة الحالية في وزارة الخزانة المالية وبعد تدخل وزارة الكفاءة التي يرأسها رجل الأعمال إيلون ماسك إلى إيقاف أرصدة المدفوعات التي تقوم بها الحكومة المالية، على إثر رفع الغطاء عن مكتب الخدمة المالية التابع للوزارة، وهو الفرع الخفي الذي يسيطر على ما يقرب من 90% من جميع المدفوعات الفيدرالية، بما في ذلك مزايا الضمان الاجتماعي، واسترداد الضرائب، والمدفوعات للعمال الفيدراليين والمقاولين. ويصل مجموع المعاملات السنوية إلى مليار معاملة بإجمالي أكثر من 5 تريليون دولار، في خطوة لإبقاء الخزينة في وضع آمن تحسب للمستقبل الضبابي بعد إصدار تلك القرارات الصارمة والتهديد بتوسعتها.<br />والولايات الأمريكية التي لا تزال تعاني من شتاء باهظ كلفها الأرواح والأموال والموارد هي بحاجة لتكثيف التبادل التجاري والاستثمارات بدل فرض الرسوم وتطويق حظر تجاري كهذا، يؤدي إلى رفع الأسعار وتحريك السوق السوداء وتقييد الأنشطة وتكبد السوق المحلية كلفة باهظة تتحول مع الوقت ومع إطالة تعنت الحرب إلى ركود نسبي.<br />يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية بالإدارة الحالية تشن حربا داخلية وخارجية أهدافها معلنة في الحملة الانتخابية، ولكن نتائجها بالطبع ليست كما يرسم لها حزب رجال الاعمال الذي يقودها، والتي ستؤدي إلى تأثير آني سلبي على العالم بأسره، وتأثير آخر رجعي أكثر إيجابية يشكل اقتصادات مستقلة وحمائية تصنع استقرارها خارج الزوبعة تلك.<br />@hana_maki00<br />