<p>تفاءلنا كثيرا عندما أقرت أنظمة التقاعد إمكانية "تبادل المنافع" عبر التأمينات الاجتماعية GOSI، ويتيح هذا التبادل خاصية نقل سنوات الخدمة في القطاع العام والقطاع العسكري إلى نظام التأمينات الاجتماعية، بذلك يتمكن المشترك من نقل مدة خدمته في هذين القطاعين إلى مدة اشتراكه في التأمينات الاجتماعية عبر وظيفة يشغلها في القطاع الخاص أو شبه الحكومي. لكن لدهشة جميع المعنيين، وعددهم بالآلاف، اكتشف هؤلاء أن نقل مدد الخدمة (الحكومية) لا يمكن الاستفادة منه إلا بعد بلوغ الستين! </p><p>ولتبسيط المشهد، وإيصال حجم خيبة الأمل لدى هذا العدد الهائل من الناس، سأحكي لكم قصة جاري العزيز أبوياسر؛ فأبي ياسر شغل بكل اقتدار وظائف على سلم الخدمة المدنية لمدة 11 عاما، واشتراك التقاعد الذي يخصه كان يذهب إلى المؤسسة العامة للتقاعد قبل دمجها مع التأمينات الاجتماعية، وعندما لاحت لأبي ياسر فرص وظيفية أفضل وأكثر تحفيزا لشغفه وطموحه اللامحدود، غادر العمل الحكومي والتحق بالقطاع الخاص. وبدأ مسيرة مليئة بالنجاح والتميز والتطوّر على امتداد 20 عاماً مع القطاع الخاص، وقام خلالها بطلب تطبيق "تبادل المنافع".</p><p>أبوياسر ومن مثله، هم اليوم في نهايات الأربعين أو في بواكير الخمسين من عمرهم، وعندما التفت أبوياسر إلى حجم النشاط السوقي الذي يستدعي خبراته ومهاراته، فكر في أن يتقاعد من الوظيفة ويتفرغ لأعمال استشارية، أو أن ينطلق في نشاط تجاري يرتبط بالسيارات الكلاسيكية التي يعشقها ومعها يستغل الفرصة للانشغال بتجديدها وإعادة بيعها. طبعا الشيخ أبوياسر قال لنفسه: 11 سنة منالعمل الحكومي + 20 سنة مع القطاع الخاص = 372 شهرا من الخدمة بين القطاعين، والمطلوب هو مدة اشتراك تعادل 300 شهر (فقط) لاستحقاق التقاعد المبكر! </p><p>وفي غمرة أفراح صديقي أبو ياسر، وبعد أن وجه دعوة إلى أقاربه ورفاق رحلته الطويلة منوها عن وليمة ليلة الجمعة تتعلق باحتفاله بمرحلة التقاعد المبكر التي قرر أن يخوض غمارها؛ وعليه، فكّر يوم الخميس أن يستأذن من عمله ويراجع مقر التأمينات الاجتماعية ليستفسر عن وضعه ويتأكد من راتب التقاعد. وهناك وقعت الأنباء على رأس أبي ياسر وقع الصاعقة.. فجواب الموظف المختص يقول: أنت لم تكمل المدة في القطاع الخاص ومتبقي لك 60 شهراً من الكفاح قبل أن تستلم راتب التقاعد! كما أن تقاعدك المستحق عن مدة عملك في القطاع الحكومي لن تستلم ريالا واحدا منه قبل أن تكمل 60 عاما من عمرك المديد!!! واختتم الموظف بقوله: تبادل المنافع -يا عزيزي- لا علاقة له بإكمال مدة الاشتراك النظامية مع التأمينات الاجتماعية، وبالتالي أرجو العودة إلى وظيفتك وأن تؤجل أحلامك إلى ما بعد 60 شهرا من اليوم!</p><p> </p>