تعتبر الحماية من الأخطار المرئية والمسموعة والمحسوسة أمرًا بسيطًا للإنسان، إذ يمكنه رؤية الخطر أو سماعه أو الشعور به فيتصرف وفقًا لذلك لكن ماذا لو جاءك الضرر بشكل غير مرئي، على هيئة جسيمات دون ذرية عالية الطاقة تنطلق بسرعة تكاد تقترب من سرعة الضوء؟ هنا تتعطل الحواس وتُستبدل بالفضول والخوف ومع تزايد تساؤلات العلماء حول تأثيراتها على <a href="https://www.alyaum.com/articles/6499153/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9/%D8%B5%D8%AD%D8%A9-%D9%88%D8%AA%D8%BA%D8%B0%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%83%D8%AB%D8%A7%D8%B1-%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7-%D8%AE%D8%B7%D8%B1-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%88%D8%B6%D8%AD%D9%88%D9%86-%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B6%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%8A%D8%A9" target="_blank">صحة البشر</a> والتكنولوجيا، تبدأ رحلة البحث لفهم هذه الظاهرة الغامضة، ومعرفة طرق التعامل معها لحماية الأرض والمركبات الفضائية و<a href="https://www.alyaum.com/articles/6567055/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9/%D8%AA%D9%83%D9%86%D9%88%D9%84%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A7/%D9%86%D8%A7%D8%B3%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%AA%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%84%D9%82%D9%85%D8%B1-%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8" target="_blank">رواد الفضاء</a>.<br /><br />"اليوم" بدورها التقت بالباحثة في الفيزياء النووية فاطمة الشيخي للوقوف على ماهية الاشعة الكونية وأثرها على الأرض والمركبات الفضائية ورواد الفضاء وأحدث الأبحاث التي تتعلق فيها.<h2>المستعرات العظمى</h2><br />قسمت الشيخي تلك الاشعة إلى قسمين رئيسيين الأول الأشعة الكونية الأولية: وهي الجسيمات التي تنشأ من مصادر كونية تقع خارج نطاق المجموعة الشمسية، مثل المستعرات العظمى (السوبرنوفا) والنجوم النيوترونية تتكون بشكل أساسي من البروتونات (حوالي 90%)، ونوى الهيليوم (حوالي 9%)، ونسبة صغيرة من الإلكترونات والجسيمات الأثقل.<img alt="" height="219" src="**NP_IMAGE_BODY[2504727]**" style="float:left" width="175" /><br /><br />تصل هذه الجسيمات إلى الغلاف الجوي للأرض بطاقة عالية جدًا، قد تتجاوز 1000 جيجا إلكترون فولت، أما القسم الاخر هو الاشعة الكونية الثانوية: وهي تتولد نتيجة تفاعل الأشعة الكونية الأولية مع جزيئات الغلاف الجوي للأرض، وعند اصطدام الأشعة الأولية بالغلاف الجوي، تنتج جسيمات ثانوية وهي عبارة عن مجموعة من الإلكترونات والفوتونات والميونات. هذه الجسيمات الثانوية هي ما يتم رصده على سطح الأرض.<h2>إشعاعية ضئيلة</h2><br />وبينت الشيخي أن البشر تتعرض إلى نسب إشعاعية ضئيلة بسبب الحماية اللي يوفرها المجال المغناطيسي والغلاف الجوي، بينما ركاب الطائرات يتعرضون لمستويات مرتفعة من الإشعاع الكوني، وبخاصة في الارتفاعات العالية وخطوط العرض؛ إذ إن الإشعاع الذي يتلقونه في رحلة واحدة ضئيل جدا.<br /><br />وتابعت "بينما يتعرض طاقم الطائرة والطيارون الدائمون لمستويات أعلى من جرعات الإشعاع بسبب عدد المرات التي يطيرون فيها، كما لن يتجاوز طاقم الرحلات التي تعمل عادةً على ارتفاعات منخفضة جرعة ملي سيفرت واحد في السنة، وعلى الرغم من ذلك فقد يتعرض أفراد الطاقم الذين يخدمون في مسارات قطبية طويلة المدى لجرعة سنوية فعّالة تصل إلى ستة ميلي سيفرت".<h2>مشاكل صحية</h2><br />أشارت الشيخي إلى الحدود الآمنة للتعرض السنوي للإشعاعات، وهي 1 ملي سيفرت/السنة (باستثناء التعرض الطبي مثل الأشعة السينية) وذلك للأشخاص العاديين، بينما يتعرض العاملين في مجال الإشعاع (مثل المفاعلات النووية أو الأشعة الطبية) إلى الحد المسموح به هو 20-50 ملي سيفرت/السنة كمعدل على مدى 5 سنوات، بحيث لا يتجاوز مجموع الجرعات 100 ملي سيفرت خلال فترة الخمس سنوات، هذا الحد أعلى للعاملين في مجال الإشعاع لأنهم يعملون في بيئات مراقبة بعناية، مع وجود تدابير حماية صارمة لتقليل المخاطر تجاوز هذه الحدود قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل السرطان أو مشاكل صحية أخرى.<br /><br />وأَضافت إلى أن الأشعة الكونية يمكن أن تؤثر على الأجهزة الإلكترونية الحساسة، خاصة تلك الموجودة في الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية، مما قد يؤدي إلى أعطال أو أخطاء في الأداء، كما يتغير مناخ سطح الأرض عندما تصل الأشعة الكونية إلى الغلاف الجوي للأرض، حيث تُسبب تأيين الجزيئات الموجودة فيه هذا التأيين يُعتقد أنه يُساهم في تكوين “نوى تكثف السحب”، أي جسيمات صغيرة تعمل كنواة لتكثف بخار الماء، مما يؤدي إلى تكوين السحب. زيادة السحب تؤثر على المناخ بشكل كبير، حيث يمكن أن تعكس السحب أشعة الشمس، مما يؤدي إلى تبريد سطح الأرض.<h2>جرعة يومية</h2><br />أكدت الشيخي أن رواد الفضاء هم أكثر الفئات عرضة للإشعاع الكوني بسبب غياب الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للأرض، اللذين يوفران حماية كبيرة حيث يتعرض رائد الفضاء على متن محطة فضائية والتي تدور على ارتفاع 400 كيلومتر، لجرعة يومية تزيد عن نصف ميلي سيفرت هذه الجرعة تعادل ما يحصل عليه طاقم طائرة خلال عام كامل، ولذلك وضعت وكالات الفضاء مثل ناسا حدودًا صارمة للجرعات المهنية لرواد الفضاء لتقليل مخاطر الإشعاع<br /><br />وأشارت إلى أن من أهم الدراسات والأبحاث حول الاشعة الكونية بينت أن التعرض المطول للأشعة الكونية يمكن أن يؤدي إلى تدهور في القدرات الذهنية لرواد الفضاء، مشابه لأعراض خرف الشيخوخة. هذا التدهور ناتج عن تأثير الأشعة على خلايا الدماغ، مما يبرز الحاجة إلى تطوير استراتيجيات حماية فعّالة خلال البعثات الفضائية الطويلة.<h2>أبحاث حديثة</h2><br />كما أشارت أبحاث حديثة إلى أن الأشعة الكونية قد تكون مسؤولة عن بعض الأعطال غير المبررة في الأجهزة الإلكترونية على الأرض وتتسبب الجسيمات عالية الطاقة في تغيير حالة البتات في الدوائر الإلكترونية، مما يؤدي إلى أخطاء في الأداء هذا الاكتشاف يسلط الضوء على أهمية تصميم أنظمة إلكترونية أكثر مقاومة للإشعاع، خاصة في التطبيقات الحساسة.<br /><br />وتابعت أن هناك دراسة بريطانية أثبتت أن زيادة مستويات الإشعاع الكوني، المرتبطة بانخفاض النشاط الشمسي، قد تشكل خطرًا على صحة رواد الفضاء في البعثات المأهولة إلى المريخ. هذا يستدعي تطوير دروع واقية وتقنيات مبتكرة لتقليل التعرض للإشعاع خلال الرحلات الطويلة.