<br />مع مطلع شهر رمضان المبارك يتنافس الناس زرافات ووحدانا في ميادين الخير والبذل، وإطعام الطعام وسقي الماء، وإعمار بيوت الله وتعاهدها عبادة ونظافة وصيانة؛ إيماناً منهم بعظم مكانة الشهر وعلو منزلته بين الشهور، وما يحويه بين جنباته من الفضائل والمكارم والتي يعجز المرء عن حصرها والقلم عن بيانها وتحريرها؛ ومع إعلان دخول الشهر الكريم يتناقل الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة رسائل التأييد والمعارضة لمشاريع إفطار الصائم المقامة في المساجد والجوامع والطرقات والساحات العامة وغيرها، وبدراسة تلك الرسائل نلحظ تنوع حجج أصحابها إلا أنها في مجموعها نابعة من نفوس سليمة محبة للإصلاح وبذل الخير، والرغبة في تعظيم الأثر، والوصول للمستفيد المتعفف في بيته وسد حاجته.<br />ومما لا شك فيه أن تفطير الصائمين وإطعام الطعام من أعظم القربات وأجلّ الأعمال. وبهما تُنال الحسنات وتُزال السيئات، ومعينةً للمحتاجين على إتمام عبادتهم، ووسيلةً لتعزيز الألفة والمحبة بين المسلمين، وتعزيزاً روح التضامن والتكافل، وتفعيلاً لسنة التعاون على البر والتقوى، وتتعدد أوجه التفطير والإطعام وأشكالهما وأماكن إقامتهما، ويتحد هدف ومقصد الباذل والمتبرع والمعطي نحو نيل الأجر والمثوبة.<br />وتنتشر الجمعيات والمؤسسات المرخصة في ربوع بلادنا لتعكس خيرية المجتمع وطيب معدنه، ما بين من يباشر تفطير الصائمين في منازلهم وتعاهدهم في ذلك، وبين من يباشر التفطير في المساجد والجوامع ليجمع بذلك بين تعليم العلم الشرعي الواجب للمستفيدين وبين إطعام الطعام وخصوصاً الجاليات المفتقرة للعلم الشرعي المعين لها على أداء العبادات كما افترضها الله تعالى عليهم، وبين أولئك المباشرين للتفطير بنفوس طيبة محفوفة بطيب الكلام وطلاقة الوجه وبشاشة المحيا إكراماً للمسلم وتجسيداً لمكارم الإسلام ومحاسنه لغير المسلم على الطرقات ومداخل المدن ومخارجها إعانة للمسافرين وسالكي الطرق السريعة.<br />ولتعظيم أثر عبادتي تفطير الصائمين وإطعام الطعام واستدامتهما وتحقيق مستهدفات الشرعية والتنموية تبرز الحاجة الماسة لتنظيمها وخصوصاً فيما يتم يتعلق بالدعم المادي والتنفيذ الميداني، لاسيما في ظل إطلاق الدولة لإستراتيجيتها الوطنية المتعلقة بالأمن الغذائي والحد من الهدر بشتى أنواعه وأشكاله. ومن أهم الأفكار في تحقيق ذلك تبني منصة إحسان لمبادرة دعم إفطار الصائمين لتقدم الخدمة بصورة موحدة داخل المدن والمراكز والهجر وعبر متعهد أو أكثر باشتراطات صحية موحدة وبكميات غذائية موحدة، عبر الجمعيات المتخصصة؛ بحيث يُتاح للمتعهد طلب تقديم خدمة التفطير وإطعام الطعام لدى الجمعية المرشحة من قبل المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي لتنفيذ المشروع بصورة حصرية بما يمكّن الجهات المعنية من الإشراف والمتابعة وتجويد العمل ورفع كفاءته، والتحقق من استيفاء المتعهد لكافة الشروط والمتطلبات، والتزامه بالكميات المحددة للحد من الهدر الغذائي.<br />كما يُمكّن المتبرع فرداً كان أم مؤسسة مانحة من تقديم أمواله من خلال المنصة لضمان وصول الأموال للفئة المستفيدة من خدمة الإفطار وإطعام الطعام، وإلزام الجهة المنفذة للمشروع بتقديم تقارير المشروع بعد انتهاء الموسم وقياس آثاره الاجتماعية والاقتصادية، وتقديم خطة تحسينية للنسخ القادمة من المشروع حتى يطمئن المؤيد ويتوقف المعارض لتلك المشاريع.<br />ومن الأفكار لتطوير مشاريع الإفطار والإطعام إطلاق منصة إحسان لأيقونات دعم لمشاريع إقراء القرآن وتعليم أصول العبادات للمستفيدين من للمشاريع وخصوصاً المنفذة في المساجد والجوامع، رفعاً للجهل ونشراً للعلم النافع، وتصحيحاً للمفاهيم والأفكار والتصورات لدى المستفيدين من تلك المشاريع.<br />وأخيراً ونحن نعيش مرحلة التحول التنموي في بلادنا تعظم الحاجة للتنسيق بين وزارة البيئة والمياه والزراعة باعتبارها الجهة المشرفة على الأمن الغذائي بالمملكة وتحقيق مستهدفاته، والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي باعتباره المشرف والمنظم لأعمال الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد باعتبار المشرفة على بيئات تنفيذ المشاريع داخل أروقة المساجد والجوامع، والعمل على إصدار دليل إجرائي تنظيمي بصورة رقمية يسهل رحلة مقدم الخدمة والمستفيد منها والله من وراء القصد.<br />@mesfer753<br />