<br />المشهد عشته بطريق رئيس، فتاة تقود بالمسار الأوسط وقيادتها رصينة وملتزمة بالسرعة المحددة، اضطررت لتجاوزها عبر المسار الأيسر وأنا في الطريق لحضور لقاء مهم، اقتربت مني مركبة بالغت في الاقتراب حتى خشيت أن ترتطم بي، فعدت إلى مساري السابق متجاوزا الفتاة، فأنا ممن يفضلون الابتعاد عن المتهورين، وما أكثرهم في شوارعنا للأسف!<br />عبر المرآة لاحظت أن المتهور استباح المسار الأيسر، وهدأ من تسارع مركبته واقترب من الفتاة وأخذ ينظر إليها، ويطلق أبواقا متكررة، بل وأخذ يلوح بيديه وكأنه يحاول أن يقول شيئا، لكن طبعا «بناتنا» عينهن لا تغادر الطريق حرصا على السلامة، والحقيقة استفزني هذا السلوك المشين من هذا الشاب، فانتقلت إلى المسار الأيمن، حتى تجاوزتني الفتاة.. متيحا لها الفرصة لتنجو من هذا المتطفل.<br />العجيب أن المتطفل استمر في مضايقاته، وقد رأيت المشهد بكامل تفاصيله بعد أن عدت إلى المسار الأيسر، ولكن هذه المرة كنت خلف «الضبع». وفجأة.. زاد الضبع من سرعته.. وانعطف أمام الفتاة، وتوقف بشكل كامل ومفاجئ ليسد الطريق. هدأت من سرعة سيارتي وانتقلت إلى المسار الأيمن وأكملت الطريق ملتفتا إلى مشهد نزوله من السيارة في وضح النهار، مسببا ربكة مرورية لكل المركبات التي كانت خلفنا بسبب تهوره وتجاهله لكل آداب الطريق.<br />مشى الضبع مقتربا من سيارة الفتاة ومتحدثا بصراخ لا يليق، أما الفتاة فقد بدت في حالة ذعر واضحة، وعلى رأسها ألف علامة استفهام تقول: ما الذي يريده هذا المختل المتهور؟ وتعالت جملة قالها الضبع: «انتي صدمتيني وسأطلب لك الشرطة»! والحقيقة أن الفتاة كما شاهدت لم تصدمه، وكل ما فعلته مقابل تطفله ومطاردته لها هو أن حافظت على رباطة جأشها واستمرت في مسارها الأوسط بشكل نظامي.<br />وبعد أن لمحت حسن تصرف الفتاه بالانتقال إلى المسار الأيسر تاركة هذا المتهور خلفها، مضيت في طريقي.<br />انتقلت في تلك الليلة بسؤالي إلى محام من الأصدقاء، وقلت له كيف تفسّر هذا المشهد؟ فقال: هل تعلم أن هناك ضباعا على الطريق، يستهدفون أي فتاة تقود سيارتها لوحدها، ومن أدواتهم قيادة مركبة فيها أثر صدمة بسيطة من الخلف، كما إنهم يتعمدون إثارة الذعر في قلب هذه الفتاة أو تلك، ويقترب من سيارتها اقترابا شديدا مع تسجيل الواقعة عبر الفيديو ويستمر في الترهيب حتى يدفع الفتاة إلى الهروب، ويقوم عندها بتسجيل حادثة بكاميرا الجوال، ويتقدم ببلاغ يفيد أن الفتاة تعدت عليه وحاولت دهسه!<br />@abdullahsayel