<br />في زمن ازدادت وتسارعت فيه تعقيدات الحياة، يبحث الكثيرون عن السعادة في أمور مادية مثل المال، الشهرة، والمكانة الاجتماعية، لكنهم قد يغفلون عن حقيقة أن السعادة تكمن في البساطة.<br />فالسعادة ليست هدفاً بعيد المنال، بل هي أسلوب حياة ينبع من الرضا، الامتنان. لكن كيف يمكننا غرس هذه السعادة البسيطة في نفوس الآخرين؟<br />العطاء من أكثر الوسائل التي تنشر السعادة في النفوس، فهو ليس مقصوراً على المال والجاه فقط، بل يمتد إلى الوقت، الجهد، والمشاعر الطيبة. عندما تعطي بلا انتظار مقابل . فإنك لا تمنح الآخرين فقط، بل تمنح نفسك أيضاً شعوراً بالرضا الداخلي. قال النبي عليه الصلاة والسلام «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم». وهذا الحديث يؤكد أن إسعاد الآخرين هو من أحب الأعمال إلى الله، سواءً كان ذلك بمساعدة مادية، أو حتى بإدخال السرور على قلوبهم بالكلمة الطيبة أو الابتسامة.<br />الحكماء أيضاً تحدثوا عن قيمة العطاء، ومن أجمل ما قيل «السعادة الحقيقية تكمن في إسعاد الآخرين، فكلما منحت الآخرين فرحاً، زاد رصيدك من السعادة». كيف نطبق ذلك في حياتنا؟ نساعد الآخرين دون انتظار مقابل، نقدم الهدايا الرمزية التي تدخل السعادة على القلوب، ندعم الأصدقاء والمقربين عاطفيًا ومعنوياً. الابتسامة هي أبسط وأقوى وسيلة لنشر السعادة. قال النبي عليه الصلاة والسلام : «تبسمك في وجه أخيك صدقة». فالابتسامة ليست مجرد تعبير عن الفرح، بل هي أيضاً فعل له أجر عظيم. كما أن الكلمة الطيبة لها أثر كبير في تعزيز الإيجابية وبث الراحة في نفوس الآخرين. يقول الله تعالى «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» وهذا توجيه واضح يدعونا إلى استخدام الكلمات الطيبة، لأنها تترك أثراً طيباً في النفوس وتساعد على نشر السعادة.<br />كثير من الناس يقعون في فخ العلاقات المعقدة المبنية على المصالح والتكلف، بينما السعادة الحقيقية تكمن في العلاقات الصادقة والعفوية. عندما تتعامل مع الآخرين ببساطة دون حسابات معقدة، فإنك تخلق جواً من الراحة النفسية المتبادلة. أحد أعظم أسرار السعادة هو الشعور بالامتنان لكل ما نملك، مهما كان بسيطاً. الامتنان يجعلنا نرى الحياة من زاوية مختلفة، حيث نركز على النعم بدلاً من النواقص.<br />ليس شرطاً عزيزي القارئ أن تكون السعادة في السفر أو الرفاهية، بل يمكن أن تكون في أبسط اللحظات مثل الجلوس مع العائلة، أو قراءة كتاب ممتع، أو حتى مشاهدة غروب الشمس. قال أحد الحكماء « السعادة ليست في امتلاك كل شيء، بل في الاستمتاع بكل شيء». من أكثر الأمور التي تسرق منا السعادة هي مقارنة أنفسنا بالآخرين.. وهذا أمر سلبي. السعادة تبدأ من الداخل، ومن أكثر الأمور التي تمنح القلب راحة وسكينة هو التفاؤل والإيمان بأن الخير قادم مهما كانت الظروف.. التفاؤل ليس مجرد شعور، بل هو أسلوب حياة ينعكس على الآخرين ويزرع الأمل في قلوبهم.<br />وأختم مقالي بالقول أن السعادة الحقيقية لا تتطلب ثروة أو مكانة اجتماعية، بل تبدأ من الداخل وتمتد إلى الآخرين من خلال أفعال بسيطة ولكنها مؤثرة. يمكننا جميعاً أن نكون مصدراً للسعادة لمن حولنا إذا تبنينا أسلوب حياة قائماً على العطاء، الامتنان، البساطة، والتفاؤل. فلنبدأ من اليوم رحلة لزرع السعادة في القلوب، ببساطة الكلمة، وصدق الفعل، ودفء المشاعر .<br />@Mohd_alhajry<br />