<br />في وقتنا الحالي، الذي تحكمه التكنولوجيا والسرعة، أصبح الوقت يُقاس بالدقائق والثواني، لا بالأيام واللحظات، في السابق كنا نعيش في عصور كان الوقت له مساحة وقيمة وحيز يتجاوز بمراحل ما هو عليه الآن وذلك لعدة أسباب منها بساطة الحياة إجمالا والوسائل المتاحة لإنجاز المهام سواء كانت التنقل أو السفر أو الصناعة أو أي أمر آخر. ورغم ذلك كانت الأيام تزخر في ساعاتها بالوقت الكافي للقراءة أو الكتابة أو ممارسة هواية أو زيارة الأقارب أو الذهاب في نزهة بالحديقة، وغيرها من مقومات الترفيه المتاحة في زمان قد مضى، وكان الإعتقاد السائد بأن الحياة ستكون أسهل لو تمكن الانسان من إنجاز مهامه ومسؤولياته بسرعة أكبر وفي وقت أقصر.<br />ولكن على الرغم من كوننا نعيش اليوم في عصر يسمى «عصر السرعة» حيث يمكننا فيه إنجاز الكثير من المهام في ساعة واحدة بفضل الأجهزة الذكية والإنترنت، ولكن رغم ذلك نشعر وكأن الوقت يمر أسرع مما ينبغي، وهذا يدفعنا لتساؤل: هل غاب عنّا معنى الوقت في عصر السرعة؟ في الفترات الماضية، كان الناس يعيشون اللحظات بكل تفاصيلها، ولم يكن هناك إلحاح للتحقق من الهاتف أو الانشغال به، أو إنهاء المهام الروتينية في وقت قصير، فقد كان للوقت إيقاعه الطبيعي، مرتبطًا بالشروق والفصول وأحداث الحياة اليومية، كان الاجتماع مع الأصدقاء والعائلة يستمر لساعات طويلة دون مقاطعات رقمية، حيث يُقدَّر الحديث العميق وتُتَبادل القصص.<br />أما اليوم، فأصبحنا نستهلك الوقت كما نستهلك المنتجات؛ نبحث عن الإنتاجية السريعة، ونقيس النجاح بمدى قدرتنا على إنجاز أكبر عدد من المهام في أقل وقت ممكن! ونتيجة لذلك، نشعر بفقدان الحضور الذهني، فنعيش اللحظة جسديًا، بينما تكون عقولنا في مكان آخر، فتولِّد السرعة المستمرة شعورًا بالإرهاق والضغط النفسي، مما يجعلنا نفتقد لحظات التأمل والتفكير، ولكن هذا لا يعني أننا فقدنا معنى الوقت تمامًا، بل أصبح ضبابيًا وسط زحام الحياة السريعة.<br />التحدي اليوم ليس في إبطاء العالم من حولنا، بل في استعادة قدرتنا على عيش اللحظة بوعي، وتبنّي نمط حياة أكثر هدوءً، وأن نركّز فيه على قيمة التجارب وجودتها، لا على عددها أو سرعة إنجازها.<br />كان الناس يعيشون اللحظات بكل تفاصيلها، ولم يكن هناك إلحاح للتحقق من الهاتف أو الانشغال به