<br />بحلول شهر رمضان المبارك، تنهمر علينا الإعلانات التسويقية للمنتجات للفت انتباه الناس وجذبهم لشراء الاحتياجات الرمضانية من المأكولات والمشروبات، وتتنافس الأسواق والمحلات التجارية في تصميم ونشر تلك الإعلانات بهدف الوصول لأكبر شريحة من المجتمع، وتحصيل أعلى نسبة من القوة الشرائية خلال شهر رمضان من خلال العمل على صياغة منظومة الأفراد والأسر العقلية نحو ضرورة شراء ما يُسمى بلوازم الصيام مما يجعل الفرد يقف حائراً مذهولاً وهو ينظر إلى كميات المشتريات التي يحملها المتسوقون في عربات التسوق بهدف تخزينها استعدادً للصيام ليظن المتابع لذلك ويخيل له - دون مبالغة – بأن المجتمع مقبل على مجاعة لا تبقي ولا تذر، وسنين عجاف مهلكة للحرث والنسل !!<br />وعند التأمل فيما اختص الله تعالى شهر رمضان واصطفاه من سائر الشهور، شهر مبارك على الأنفس والأبدان والقلوب، هو عقد الزمان وغرة جبين العام، وبه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النار، وتزكو الأنفس وتطمئن الأفئدة، وتقبل القلوب على فعل الخير وبذل الندى، وإغاثة الملهوف، وإعانة المحتاج، وإطعام الطعام، وحث الله -سبحانه وتعالى- عباده على القيام بالعبادات المشروعة وعلى رأسها الصيام طلبًا للتقوى، وتزكية للنفوس، وتنقية للقلوب، وتطهيراً للسلوك، وإصلاحاً للعلاقات، ولا مانع من الاستمتاع بما أحلّه تعالى من الطعام والشراب من غير سرف ولا مخيلة، والاعتدال والتوازن، والبعد عن الإسراف والتباهي في الولائم بكثرة أصناف وألوان الطعام ، والعبث بالنعم وهدر الغذاء ورميه في سلال المخلفات والنفايات بكميات كبيرة دون استشعار للجرم والذنب المقترف في ذلك.<br />ومما ينبغي أن يُعلم أن التبذير والإسراف مدعاة لاستحقاق غضب الله تعالى، ومقته وذمّه، وطريق لزوال النعم وذهابها، وحلول النقمة والعذاب، وذهاب البركة والزيادة؛ مما يتوجب على الجميع استشعار المسؤولية وعظم الأمانة في الحفاظ على الأمانة ورعايتها، ورفع مستوى الوعي الفردي والمجتمعي تجاه ذلك بشتى الوسائل والطرائق، واستشعاراً من جمعيات حفظ النعمة المنتشرة بالمملكة لدورها في تنبيه الغافل، وهداية الجانح، وتعليم الجاهل في الحفاظ على النعمة وصيانتها امتثالاً لأمر الله تعالى وتوجيه رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وتماشياً مع مستهدفات استراتيجية الأمن الغذائي للمملكة العربية السعودية المتمثلة في الحد من الهدر الغذائي عبر مبادرتها التوعوية المجتمعية المعنونة بمبادرة بيوت بلا هدر، وصناعة القدوات المجتمعية في الاعتدال والاقتصاد الغذائي، فالغاية من الطعام والشراب الاستعانة بهما على طاعة الله تعالى والقيام بمقتضيات التقوى والفوز برضا الله تعالى في الدنيا والآخرة، وتذكر ما أنعم الله تعالى علينا وحبانا به دون غيرنا، فعلينا جمعياً أن نتعاون على البر والتقوى، وأن نكبح هوى أنفسنا، ونكفها عن التبذير والإسراف والله من وراء القصد.<br />جامعة الملك خالد<br />@mesfer753