لقد بدأ التكريم وتطبيقه مع بدء الخليقة ، وقد قال الله في محكم كتابه ، بسم الله الرحمن الرحيم "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً" .<br /><br />صدق الله العظيم ، الآية السبعين ، سورة الاسراء .<br />لقد كان للمرحوم نجيب الزامل نصيب من إسمه ، فقد كان رجل نجيب ، من أصل كريم ، فاضل رزين وحبيب ، عملة نادرة ، صافي الذهن ، ذو فكر صائب ، صاحب مبادرات ، يحبه من حوله ، يستشيرونه ويأخذون برأيه . إنها صفات فطره الله عليها ، عاشها وعشناها معه .<br />ترعرع وعاش المرحوم في المنطقة الشرقية ، التي كتب الله لمجتمعها المحلي ، أن يحظى بأمير صاحب فكر ، يقدر الرؤى وروح المبادرة ، إنه صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز ،أمير المنطقة الشرقية، الذي دعم أهل المنطقة فيما قدموه من طرح ذا نفع للمنطقة والمجتمع . وكان من بين ما دعم سموه الفكر التطوعي ، الذي أعطاه المرحوم نجيب الزامل ، الكثير من الجهد والعطاء .وتمثل رعاية سموه لفعالية تكريمه دلالة واضحة ، على دعم سموه لعطاءات مجتمعه المحلي ، في هذه المنطقة العزيزة على قلوبنا جميعا .<br />ولعلي أعود لمطلب محور الفعالية حول أثر المنطقة على أهلها وعلى المرحوم ، لأقول ، أنني أجزم أن بيئة المنطقة الشرقية ، قد وفرت لنجيب يرحمه الله المكان الملائم ، الذي استغله بجدارة ليصل لذلك المستوى الرفيع، من الفكر والعطاء والتميز والرضاء النفسي ، تلك المكانة التي جعلته يرحمه الله "يتمنى" يوماً ، أن يصل إلى مستوى عطاء المفكر الكبير عباس محمود العقاد يرحمه الله ، تلك الموسوعة الفكرية والأدبية ، التي لن تكون بعيدة المنال عن المرحوم في ظل عمر أطول ، ولكن لله جلت قدرته ما أراد .<br />ولقد أوصلت بيئة المنطقة الشرقية المرحوم تغمده الله بواسع رحمته ، لمستوى رفيع من الفكر ، نتج عنه تدوينه يوماً ، تغريدة فريدة من نوعها ، قال فيها "يجب أن تملك المعرفة كي تعرف متى تتحدث<br /><br />. والحكمة لكي تدرك متى تصمت" . ما أروع تلك التغريدة العميقة فكراً والجميلة محتوى .<br />كما أوصله فكره الذي تفرد به كأحد أبناء المنطقة ، من أن يتشبع بفكر التطوع حتى حظي يوماً بتسميته شخصية العمل التطوعي . وإلى شرف الجلوس بين أقرانه من المتميزين ، في أروقة وقاعات مجلس الشورى ، وهي مكانة وشرف نالها قلة من أمثاله يرحمه الله ، من بيننا ، في هذا الوطن الكريم .<br />ولعلى وفي عجالة أستحضر روح نجيب المحبة ، من خلال موقف أخوي ، فالزمان كان ، يوم الخميس السادس عشر من رمضان 1434 ، أي قبل إثنا عشر عاماً . والمكان كان إحدى قاعات غرفة الشرقية ، والغرض كان طرح الكاتب لمبادرة تنموية حضر فعاليتها ثلاثة وأربعين من مكونات المنطقة المجتمعية المختلفة ، من رجال المال والأعمال والأكاديميين والإعلاميين . فقد طرح أحد الحضور مداخلة ، لم تستهوي المرحوم ولم يكن راض عنها<br /><br />ولا عن المداخل .<br />شعر نجيب المحب يرحمه الله بمشاعر المبادر الشخصية ، فاذا بأتصال هاتفي منه يرحمه الله ، في وقت متأخر تلك الليلة ، يمتدح فكر المبادرة ويثني على مقدمها ، ويبلغني بانه تواصل مع المداخل ، وأبلغه رأيه وعاب عليه مداخلته . ومثل هذا التواصل والموقف الأخوي الإيجابي ، لا يصدر إلا عن رجل يمتلك شيء من المواصفات التي تطرقت إليها في بداية مقالتي . وأحسب القارىء الكريم يتفق معي أننا في عالم اليوم ، وحتى بين ظهرانينا ، نفتقر لهذه النوعية من أعضاء المجتمع الإيجابيين . تغمد المرحوم بواسع رحمته .<br />وحيث ان أحد محاور حفل التكريم ، ينطلق من أثر المنطقة على أهلها ، ومن ثم على المرحوم غفر الله له ، وحيث "دعيت" من قبل منظمي فعالية التكريم لتقديم مداخلة عن مبادرة مجتمعية ، عمرها يقرب من العام ، سميت مبادرة الشرقية التنموية ، في ظل محور الفعالية المشار اليه أعلاه .<br />وأنطلق من ذلك المحور لأؤكد ، بأنها مبادرة كانت ستروق للمرحوم لو جاءت وهو بيننا ، ، وأحسبه سيسعد بها يرحمه الله ، ولن يتردد في مشاركتنا عضويته فيها ، وسيكون فعالاً في جزئية هامة تتعلق بمشاريعها المجتمعية .<br />لقد انطلقت المبادرة في أساسها ، من طرح يتمثل في حقيقة أن المنطقة الشرقية ، تمتلك مقومات إقتصادية وإستراتيجية كبيرة ، ومجتمع غني برجالاته وشبابه وخبراته وممارساته ، وهي حقيقة تطرح عل المجتمع المحلي دورًا كبيرًا في صياغة وصناعة مستقبل المنطقه . ولا يختلف إثنان على أن الجميع في مجتمعنا المحلي ، يتطلع لتلك المكانة التي تستحقها المنطقة الشرقية بجدارة . فالمملكة تتطلع للريادة ، وعلى مجتمع المنطقة العمل دون كلل على تحقيق المنطقة لمكانتها ، في عمق الريادة السعودية .<br />وتتناغم المبادرة مع ما نصت عليه إحدى فقرات رؤيتنا الوطنية التي تقول "إن الوطن الذي ننشده لا يكتمل إلا بتكامل أدوارنا" ، ما يعني تحفيز الرؤية لنا ، أفراداً ومؤسسات ، للقيام بدورنا ، ومن هذا المبدأ ، ولدت المبادرة .<br />ومنطقتنا ولله الحمد والمنة ، غنية بممارسات وخبرات رجالها وشبابها وشاباتها ، وثروتها النفطية ودورها البارز ممثلة بأرامكو السعودية في معادلة الطاقة العالمية ، مايلزم مجتمعها بمشاركة فاعلة لا يمكنه المفر منها ، في رسم خارطتها التنموية وصناعة مستقبلها ، ومن هذه الحقيقة أيضاً ، جاءت المبادرة .<br />ويمكن للقارىء ان يتصور معي وصفا أعشقه في تصوري لإستراتيجية عمل المبادرة ، إلا وهو ، وإن صح التعبير ، وصفها ب "المطبخ التنموي" . مطبخ ننمي الأفكار داخله ، نطورها ، نتشاور حوّلها ، ونأخذ بالمجدي منها .<br /><br />وبذلك فإنه من المطبخ التنموي أيضاً ، جاء فكر المبادرة .<br />تستند المبادرة على مرجعيات ثلاث ، هي سياسات الوطن التنموية ، والرؤية الوطنية ، والفكر التنموي لسمو أمير المنطقة الشرقية ، وفي ظل هذه المرجعيات الثلاث ، ستنمو المبادرة .<br />أما مجلس المبادرة ، فيمثل شرائح منتقاة من مجتمع المنطقة ، على دراية ومعرفة بما تتطلع المرجعيات الثلاث لتحقيقه ، ويعمل على تمكين المنطقة من مشاريع تنموية نوعية ، دون التركيز على مسار تنموي على حساب مسار آخر . ومن هذا المنطلق ، فان مجلس المبادرة هو الضامن لنجاحها .<br />ومن منطلق أنه لا يشكر الله من لا يشكر الناس ، فلا بد من الإشادة بما يقدمه سمو أمير المنطقة للمبادرة من توجيه لمجلسها ، فهو سلمه الله مصدر رعاية لفكر المجلس وتوجهاته .<br />نشيد بمبادرة تكريم المرحوم نجيب الزامل ، فهي خطوة حيوية تسلط الضوء على تجربته القيمة والرائدة ، وهي تجربة لم تؤثر في مشهدنا الشرقي الثقافي والمجتمعي فحسب ، ولكنها دغدغت مشاعر آخرين في أرجاء الوطن .<br /><br />والتكريم ، كما يعلم القارىء الكريم ، يخلق الروح التنافسية ، ويحفز المبدعين ، يعزز من مكانتهم ، ويؤكد على دورهم . فالمبدع والمبادر من أمثال الشخصية المكرمة يرحمه الله ، هو من يعكس عمق المجتمع ، ويثري بناءه ، ويحفز الأجيال الناشئة للسير على خطاه .<br /><br />وأختم مقالتي بنص رسالة بعثت بها لأخي معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان يوسف الدوسري ، صباح الثلاثاء 26 ديسمبر 2023 ، مشيداً بمبادرة الوزارة لتكريم مبدعي الإعلام ، قلت فيها ب "أنه في سماء أي مجتمع إنساني نجومًا براقة ، تستحق أن يعترف بدورها ، ويقدر جهدها .<br /><br />ونجيب الزامل الذي يكرم اليوم ، كان مثالاً حيّا لذاك النجم البراق الذي كنا نترقب إضاءاته ، ونسعد بلمعانه ، وها نحن اليوم نعترف بدوره .<br />وحيث أن التكريم مبدأ إسلامي إنساني سام ونبيل ، فإننا نتطلع للمزيد منه في مجتمعاتنا السعودية ، في سعي لإيصال التكريم لمستحقيه ، وأحسبه جهد سيصحبه عوناً إلهي ، ودعم من ولاة الأمر ، ومساندة من أهل الوفاء ، لأهل العطاء ، والله من وراء القصد .<br />رحم الله ذاك المبدع "النجيب" بواسع رحمته ،،،