<br />أن التأثير كالأكسجين تمامًا شرط أساسي للعيش لكننا ننسى أحيانا بأننا نتنفس الهواء، فطبيعة العقل لا يركز على أساس العملية، بل يندمج وسط المحيط متجاهلا التركيز على التنفس، لذلك في جلسات التأمل يدعوننا إلى التركيز على التنفس حتى نرجع إلى وحي اللحظة متناسين العالم من حولنا.<br />هذا مثال بسيط لتأثير الإعلام وإن كان بشكل غير مباشر على التفكير الشخصي والأفعال اليومية للأفراد. فاليوم أدعوك عزيزي القارئ إلى التمعن داخلك والنظر لجذور العملية «أفعالك». يمكن للناس أن تتأثر بتوجهات وسائل الإعلام ويبدأون في تبني سلوكيات وعادات جديدة، لغرض الشعور بالانتماء، في بعض الأحيان قد تكون مفيدة، وفي حينٍ آخر قد تكون سلبية وغير مبررة.<br />أحد الأمثلة التي تعكس تأثير الإعلام على سلوكيات الأفراد المسلسل الشهير شارع الأعشى الذي لاقى شعبية واسعة في العالم العربي اليوم. العديد من الأشخاص يلحظ أن المسلسل قد ألهم بعضهم لتقليد حركة معينة يتبعها أحد الشخصيات في العمل، مثل حركة وضع السجادة على جدار السطح التي تكررت في المسلسل. أصبح بعض الناس يكررون نفس الحركة بشكل عفوي ويشاركونها عبر المنصات الاجتماعية، كأنهم يعبرون عن هويتهم أو انتمائهم لهذا العمل.<br />ومن وجهة نظر شخصية لي، أرى أن مثل هذا التقليد نوعًا من السذاجة. حيث إن التقليد الأعمى لما يظهر في المسلسلات أو الترندات يمكن أن يكون ضارًا لأنه لا يعكس تفكيرًا نقديًا أو وعيًا بما إذا كان هذا السلوك سيفيد الشخص أم لا. فمثل هذه السلوكيات تظهر أحيانًا أن الأفراد يصبحون أسرى للموضة أو ما يراه الجميع «مواكبة للتطور»، بينما في الحقيقة قد لا تضيف هذه الحركات أو السلوكيات شيئًا جوهريًا إلى حياتهم.<br />لنركز الآن على الجزء الأهم من المقال، من المهم للشخص أن يتساءل قبل أن يقدم على فعل عن ما إذا كان هذا الفعل يعكس شخصيته حقًا، وهل يحوي على قيمة مضافة له في حياته ؟ وهذه القيمة حقيقية أم مجرد ترهات من الذات السفلى؟.<br />ليس من الضروري أن نجري خلف كل ما يظهر في الإعلام لمجرد أنه أصبح ترندًا. هناك العديد من الأشياء التي يمكن أن نفكر فيها وتضيف إلى حياتنا إذا نظرنا إليها بعقلانية بعيدًا عن التقليد الأعمى، التقليد الذي قد ينتج عنه أثارًا سلبية تضر بالمحيط ، ومنها الكشف عن حرمه الجار في بعض الحالات.<br />الإعلام، في النهاية، مجرد أداة؛ والفرد هو الذي يقرر كيف يستخدم هذه الأداة لصالحه. على الشخص أن يكون واعيًا لما يقدم أو يشارك، ويكون لديه بعد نظر عما إذا كانت هذه المشاركة تنتج عنها أثارًا سلبية أم لا، فإن درجة التأثير يحددها درجة وعي المتلقي، من المهم أن نعزز التفكير النقدي ونعزز التأني في اختيار ما نستهلكه إعلاميًا، ومعرفة مانرغب بمشاركتة حقًا وليس ما يرغب به «الترند»، حينها سنتمكن من اتخاذ قرارات أفضل بشأن ما نقتدي به أو نتبعه، حيث ستكون لنا نظرة مختلفة عن الأمور، ونبني شبكة إعلامية واعية.<br />@pbthdw