<br />يمر الاقتصاد العالمي بظروف صعبة جداً وشبيهة بالظروف التي مر بها العالم قبل الحرب العالمية الثانية قبل حوالي 75 عام. حاولت ألمانيا غزو الدول المجاورة للهيمنة عليها وكانت روسيا ضمنها. اليوم نشاهد المتناقضات الأمريكية التي يقودها الرئيس دونالد ترامب الذي يهدد تارة ويرغب تارةً أخرى حلفاءه الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي. كانت الولايات المتحدة تدعم أوكرانيا ضد روسيا، لكن ترامب وإدارته خيبت الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في حادثة محرجة ومهينة للرئيس الاوكراني الذي قدم لزيارة البيت الأبيض للمساعدة. يواجه «الكاوبوي» الأمريكي منافسة شرسة من «التنين» الصيني الذي استعد للمنافسة الاقتصادية منذ وقت كانت الولايات المتحدة وأوروبا منشغلة بأمور غير استراتيجية ما ساعد الصين على بناء اقتصاد قوي يصعب على المنافسين اضعاف تفوقه وتدفق سلعه والتكنولوجيا إلى عقر دارهم في أسواقهم المفتوحة للمنتجات الصينية المنافسة من حيث الأسعار وربما الجودة.<br />توقعات المؤسسات المالية الدولية<br />يُتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي نموًا مستقرًا، لكن بمعدلات أقل من المتوسط التاريخي أي أنها أقرب الى الضعيف وذلك وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن المؤسسات المالية الدولية. يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ معدل النمو العالمي 3.1% في عام 2024، مع ارتفاع طفيف إلى 3.2% في عام 2025. هذا التباطؤ في النمو الاقتصادي يُعزى إلى تأثيرات رفع أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية لمكافحة التضخم، بالإضافة إلى سحب دعم المالية العامة في ظل ارتفاع الديون.<br />لا شك أن للفيدرالي الأمريكي دور كبير فيما يحدث من تغيرات في أكبر اقتصاد في العالم والذي بدوره يؤثر في الاقتصادات الأخرى التابعة ذات العلاقة بالاقتصاد الأمريكي. من المتوقع أن ينخفض التضخم العالمي تدريجيًا، حيث تشير التنبؤات إلى تراجعه من 6.8% في عام 2023 إلى 5.9% في عام 2024، وصولًا إلى 4.5% في عام 2025. من المتوقع أن تعود الاقتصادات المتقدمة إلى مستويات التضخم المستهدفة في وقت أقرب مقارنة باقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية. يتوقع البنك الدولي أن يظل معدل النمو العالمي ثابتًا عند 2.7% خلال عامي 2025 و2026، وهو معدل يُعتبر غير كافٍ لتعزيز التنمية الاقتصادية المستدامة. كما يُتوقع أن تواجه اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تحديات في اللحاق بالبلدان المتقدمة، مع استمرار الفجوة في نصيب الفرد من الدخل.<br />وضع منظمة التجارة العالمية<br />أما في مجال التجارة العالمية فإن توقعات منظمة التجارة العالمية تشير إلى إمكانية ارتفاع حجم التجارة العالمية بنسبة 3% في عام 2025 إذا تم احتواء الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وبين روسيا وأوكرانيا من جهة وروسيا وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى. وتجدر الإشارة هنا الى الصراع الاقتصادي الصيني الأمريكي. تُحذر المنظمة من أن التوترات الجيوسياسية والسياسات الحمائية قد تشكل مخاطر على هذه التوقعات. ولقد حذرت في مقال من الصراع الاقتصادي الأمريكي - الصيني الذي قد يتحول الى صراع عسكري بين الدول الحليفة للصين والأخرى الحليفة للولايات المتحدة. أيضاً حذرت من تفكك منظمة التجارة العالمية بسبب الحمائية والحصحصة كما يحدث الآن من طرف ترامب وإدارته. بشكل عام، يُتوقع أن يستمر الاقتصاد العالمي في النمو خلال السنوات القادمة إذا تم احتواء النزاعات الاقتصادية والجيوسياسية، لكن بوتيرة أبطأ من المتوسط التاريخي، مع استمرار التحديات المتعلقة بالتضخم، الديون، والتوترات الجيوسياسية في المستوى الحالي.<br />@dr_abdulwahhab