<br />تندس في أسواقنا الخليجية تكتلات وأنشطة تجارية لتجار أجانب وعرب، يتميزون بالتحرك على شكل مجموعات وكتل، يستولون بكل جرأة وهدوء على ما يحيطهم من أنشطة مشابهة حتى يتزعمون قطاعات تجارية بعينها، فيستحوذون على السوق ويتلاعبون بالأسعار والمصنعية بطريقة فجة، حتى باتت ظاهرة في جميع أسواق دول الخليج المحلية ولكن بتباين يفرضه واقع الاتفاقيات والرقابة والتشريعات المرنة أو التجنيس.<br />كثير ما شهدت دولنا الخليجية ظاهرة الأثرياء الأجانب وقصصهم الناجحة حين يأتون للعمل لكسب لقمة عيشهم ويتحولون من عمال لا يملكون حتى قوت يومهم الى مليونيرات. وهنا ينقلب الحال وتتغير التوجهات والنيات أيضاً، منهم من يحصلون على الجنسية ثم ينشطون في السوق المحلية ويتملكون بقوانين البلد، ويستحوذون على القطاعات التي ينشطون فيها ويكونون من كبار اللاعبين في السوق، ولكن الأمر يتحول من حرية ممارسة نشاط تجاري إلى حجة لجلب الأيدي العاملة الأجنبية وتحويل الأموال الى بلدهم الأم واستغلال طرق ومنافذ وثغرات لتسيير الأعمال وبعضهم تهريب وسوق سوداء وغسيل أموال.<br />في بعض القطاعات قد تضر هذه التنافسية التاجر المحلي بل وحتى المستهلك، فالتلاعب في الأسعار أو احتكارها يجعل الأسعار بين يديهم، مع ضعف الرقابة عليهم أو ربما استغلال لمنافذ وثغرات للقرارات بالذات مع تشريعات جذب الاستثمار وفتح السوق المحلية ومنحهم الحرية في مزاولة أنشطتهم التجارية تحت بند الاتفاقيات الحرة التي كانت آخرها مع باكستان، والتي تكونت على أثرها التكتلات التجارية الباكستانية ويمكن ملاحظتها في الأسواق الثانوية كالذهب والسجاد والاثاث وغيرها، وما يميز التكتلات الآسيوية على وجه الخصوص أنها صاخبة، فهي لا تقبل إلا أن تكون تكتل ومجموعة، فالاستثمار لديهم لا يتوقف على المال فقط بل لا بد من أدواته معه وأبرزها القوى العاملة من البلد الأم.<br />كذلك يتميز التكتل الآسيوي وكذلك العربي بأنك تتعامل مع مجموعة أشبه بمنظمة، يديرها هرم وظيفي يتمتع بقواعده الخاصة التي تحتاج على إثرها لمساعدين وعمال من بني جنسه، لتعطيه القوة في إدارة العمل بكل ثقة. مع إدراك أنهم قد يكونون أكثر إجادة لعملهم وأكثر نجاح وربحية.<br />بيد أن قواعد اللعبة التي تنطلق من هدف الاستثمار وتتأطر باتفاقيات وتعاونيات والأنشطة التجارية، قد تكون هذه وسيلة للطرف الآخر لإطلاق يده في السوق المحلية. لذا، يمكنني تفهم قرارات الرئيس الأمريكي ترامب ضد المكسيك مثلا والتي يقصد منها وقف الدخول غير الشرعي للمهاجرين وممارساتهم في السوق السوداء والمواد المخدرة، فالدول اللاتينية كالدول الآسيوية في هذا المنطق.<br />الأمر يحتاج فقط للحذر، فأحياناً حتى الإشراف والرقابة لا يفيان بغرض الإنتباه لما يحدث في مثل هذه الأسواق، والتي قد تضر المواطن من تجار ومستهلكين بدل أن تفيدهم، بينما يحرص أولئك المستثمرين على أن يستفيد بني جلدتهم بما يقدمونه وبكل الامتيازات التي يحصلون عليها في أراضينا، وتذهب أرباحهم تحويلات بالمليارات إلى بلدانهم الأم، فيصبح الاستثمار مضيعة ومشكلة في السوق المحلية بدل أن يكون داعم للاقتصاد المحلي.<br />@hana_maki00<br />