<br />في قلب الوجود، تتداخل مشاعر الحيرة والضياع مع رغبة الإنسان في إيجاد معنى، فيبدأ رحلة البحث عن الذات وسط عبثية تبدو أحياناً وكأنها لعبة القدر.<br />منذ الأزل، كان السؤال الوجودي مرافقاً للإنسان؛ ما جدوى الحياة؟ وهل لكلّ ألم سبب ومعنى؟ تتردد في زوايا الروح أصوات تتساءل عن سر هذا العبث، فتبدو كل لحظة فرحاً أم حزناً كانت، جزءًا من لوحة فنية معقدة يصعب فهمها.<br />من هنا، نجد في الإسلام نوراً يهدي نحو فهم أعمق للكون والوجود، ونجد الإجابة التي تدعونا إلى التأمل في حكمة الخالق، حيث تُظهر آيات القران الكريم وسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- أن لكل حدث حكمة إلهية وأن العبث الذي يبدو للعيان يحمل في طياته دلالات تربوية وروحية.<br />يشرح الإسلام التقلبات التي تمر على الإنسان، بأن الدنيا دار ابتلاء واختبار، وأن الصبر والثقة في حكمة الله يقودان إلى الفهم العميق لمعاني الحياة. كل تجربة مهما بدت عبثية، تحمل فرصة للتقرب إلى الله والتعلم من حكمته المطلقة التي لا يعجز عنها شيء.<br />قد لا نجد إجابات شاملة لكلّ اسئلة الوجود في الحياة الدنيوية وحدها، لكن نجد في رحلة البحث والإيمان والفهم لذواتنا لذة تكمن فيها قيمة الحياة. الإسلام يعلمنا أن عبثية الوجود ليست نهاية المطاف، بل هي دعوة للتأمل والرجوع إلى المصدر، إلى الله وحده سبحانه وتعالى، الذي بيده الحكمة المطلقة لكل أمر. إن عبثية الوجود لا تعني انعدام المعنى، بل هي دعوة للتعمق في أنفسنا للسؤال دون توقف، والبحث عن بصيص النور في عتمة الليالي.<br />في النهاية، يبقى الإنسان يسافر عبر متاهة الوجود، حيث تلتقي دموعنا بوهج الأمل، وندرك فيها أن البحث عن معنى هو في حد ذاته معنى، وتُذكرنا بأن في كل تجربة يوجد بصيص نور يعيد إلينا الحياة.<br />@sauvotb