<br />أربع سنوات مميزة مرت منذ إطلاق مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية»، والتي كانت الأساس في الإصلاحات الجذرية التي عملت عليها وزارة الموارد البشرية منذ إطلاق رؤية المملكة، ومع توجه المملكة لاستضافة العديد من الفعاليات والمناسبات العالمية خلال السنوات المقبلة، أرى أن من الضرورة مراجعة هذه المبادرة واضافة تحسينات عليها لمواكبة التحديات الجديدة في سوق العمل، مما يعزز من تعزيز العدالة والمرونة في العلاقة بين العامل وصاحب العمل.<br />المملكة تعمل بشكل مستمر على تحسين بيئة ومناخ الأعمال لاعتبارات عدة، من أهمها جذب ثقة المستثمرين الأجانب لضخ استثمارات أجنبية، وتحسين ترتيب المملكة في العديد من المؤشرات التنافسية الدولية، وهذا الأمر يحتاج للاستمرار في الإصلاحات خصوصاً في سوق العمل، ومن خلال البعد الرابع في برنامج التحول الوطني والمعني في «تمكين فئات المجتمع من دخول سوق العمل ورفع جاذبيته»، نجد عدة مبادرات للوصول لمستهدفات سوق العمل في رؤية المملكة، ومن أهمها مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية».<br />المبادرة تركزت في تحويل ما يعرف بنظام الكفالة التقليدي إلى نظام تعاقدي واضح يرتكز على الشفافية، وذلك من خلال «حرية التنقل الوظيفي» بعد إتمام العقد بين صاحب العمل والعامل الوافد والذي يتم توثيقه إلكترونياً لحماية البيانات، مع مراعاة الالتزام في بنود نظام العمل السعودي التي تحفظ حقوق الطرفين، وأيضاً في تحسـين آليـات الخـروج والعـودة والخـروج النهائـي للعمالة الوافدة، وساهمت هذه المبادرة في تحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات بشكل ملحوظ منذ اطلاقها.<br />بعد مرور أربع سنوات منذ اطلاق مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية، ومع استعداد سوق العمل السعودي لاستقبال أعداد ليست بالقليلة من العاملين الوافدين، تزامناً مع حزمة المشاريع قبل استضافة العديد من الفعاليات والمناسبات العالمية خلال السنوات المقبلة، أرى الأهمية في أن يكون مستوى المرونة في سوق العمل أعلى من الوضع الحالي، وذلك من خلال مراجعة واضافة تحسينات على المبادرة للمحافظة على المكتسبات التي تم تحقيقها، مما يضمن الاستقرار وحفظ حقوق جميع أطرافه، بالإضافة للمحافظة على سمعة سوق العمل السعودي واثبات قدرته في التوسع، ويرفع من مدى التزام المملكة بمعايير العمل الدولية والتي تُظهر حرص المملكة على تحسين بيئة العمل بشكل مستمر.<br />كوجهة نظر شخصية أرى أن من التحسينات المقترحة على المبادرة تشمل إعادة النظر في «مدة الاشعارات» وعدم ربطها مع «صلاحية رخص العمل»، فعلى سبيل المثال نجد أن العامل الوافد لا يمكنه التقدم بطلب عدم الرغبة في تجديد عقد العمل في حال كانت صلاحية رخصة العمل أقل من ستون يوماً، وهذا الأمر قد يؤدي إلى التزامات على العامل لأسباب لا يتحملها، وأيضاً من التحسينات المقترحة هو ربط «تأشيرات العمل المؤقتة» باشتراطات أكثر، وذلك لضمان حفظ حقوق العمالة والحد من التواجد غير النظامي لهم، وإضافة لذلك أرى أهمية في إنشاء هيئة مستقلة لشؤون سوق العمل، تكون مسؤولة عن العامل الوافد عند انتهاء العلاقة العمالية بينه وبين صاحب العمل، ومن خلالها يتم فرض رسوم شهرية يتحملها «العامل الوافد» عند انتهاء أو انهاء عقده مع صاحب العمل دون وجود أي علاقة رسمية بينه وبين صاحب عمل آخر، ويتم دفع تلك الرسوم للهيئة مقابل تأمين تذكرة السفر للعامل وتحمل التأمين الطبي الخاص به بالإضافة لتكاليف رخصة العمل والإقامة خلال فترة محددة.<br />ختاماً؛ مبادرة تحسين العلاقة التعاقدية تعتبر استثماراً مهماً لسمعة ومستقبل سوق العمل السعودي، ووزارة الموارد البشرية نجحت في تطبيقها، وكل تحسين يتم على المبادرة لا يعني «التقليل منها»، بل سينعكس بشكل إيجابي على سوق العمل، وسيعزز من ترسيخ صورة المملكة كوجهة رائدة تضمن الكرامة الوظيفية لجميع العاملين فيه.<br />مستشار موارد بشرية<br />@Khaled_Bn_Moh