
أوصى مجلس وزاري مضيق انعقد أمس برئاسة الحكومة بالقصبة، أشرف عليه رئيس الحكومة، كمال المدّوري، حول دعم التّماسك الأسري، بإحداث نظام جديد للنفقة وجراحة الطلاق واحداث خطة الموفق الأسرى.
وجاء في بلاغ لرئاسة الحكومة اليوم الخميس، ان المجلس الوزاري أوصى بحداث نظام جديد للنفقة وجراية الطلاق يتضمن ضبط شروط الاستحقاق وإجراءات تدخّل صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق، ويهدف النظام الجديد إلى تمكين المرأة المطلقة وأبنائها من الانتفاع بنظام التغطية الاجتماعية والادماج الاقتصادي لهذه الفئة، فضلا عن حوكمة الصندوق وتبسيط إجراءاته وإيجاد مصادر جديدة لتمويله.
كما أوصى المجلس بإحداث نظام خاص بالتوفيق الأسري كآلية لحل الخلافات التي تنشب بين أفراد الأسرة وتقريب وجهات النّظر بين طرفي النزاع خلال فترة التّقاضي وبعدها من خلال بعث خطة "الموفّق الأسري" تعهد له مهمة التوفيق والوساطة الأسرية إلى جانب مرافقة الأسر للحدد من الخلافات ونشر ثقافة التماسك الأسري والمساهمة في الوقاية من السّلوكيّات التي تهدد الأسرة.
ويهدف المقترح إلى المساهمة في حل النزاعات الأسرية وتقريب وجهات النظر بين أطراف الخلاف خلال فترة التقاضي وما بعدها لتقليل التداعيات السلبية للخلافات الأسرية انطلاقا من تقييم محدودية نتائج القانون عدد 50 لسنة 2010 المؤرخ في 1 نوفمبر 2010 المتعلّق بإقرار مؤسّسة المصالح العائلي في نزاعات الحالة الشخصيّة واستئناسا بالممارسات الفضلى والقوانين المقارنة وتنزيل الحلول وتأصيلها وفقا لخصوصيات الأسرة التونسيّة.
ووفق نفس البلاغ ياتي المجلس الوزاري المضيق تكريسا لمقتضيات الدّستور التّونسي بأن الأسرة هي الخليّة الأساسيّة للمجتمع وعلى الدّولة حمايتها، وتجسيدا لتوصيات رئيس الجمهورية، قيس سعيد الداعية إلى ترسيخ قيم التّماسك الأسري ودعم حقوق الأسرة والمرأة والطفل وكبار السنّ.
أهمية التماسك الأسري
وأكّد رئيس الحكومة خلال المجلس، على أهميّة دور ووظيفة الأسرة في بناء المجتمع، باعتبارها أهمّ مؤسّسة توكّل إليها مهمّة التّنشئة الاجتماعيّة ولكونها تعدّ أوّل وأهمّ النّظم الاجتماعيّة التي أنشأها الإنسان لتنظيم حياته في المجموعة، والرّكيزة الأساسيّة لبناء مجتمع متضامن ومتوازن ومسؤول مذكّرا بأحكام الفصل 12 من الدستور التي تنص أن 'الأسرة هي الخلية الأساسّية للمجتمع وعلى الدّولة حمايتها".
كما أكّد على أنّ" تحقيق مقوّمات التماسك الأسري يتطلّب وضع سياسة عموميّة جديدة للأسرة على ضوء أحكام الدستور خاصة المتعلقة بالأسرة وحقوق المرأة والطفل والمسنين وذوي الإعاقة وأشار إلى التّقدم الحاصل في بلورة خطّة وطنيّة تعزز استقرار الأسرة التونسيّة وتدعم تماسكها وفق رؤية تشاركية تتّسم بالشّموليّة والفاعليّة والنّجاعة وتأخذ بعين الاعتبار التّغيرات المجتمعيّة والتّحوّلات الدّيمغرافيّة والثّقافيّة والاقتصاديّة التي تشهدها الأسرة في الوقت الرّاهن."
وشدد المدوري على ضرورة تحديث المنظومة القانونيّة الخاصّة بالأسرة تماهيا مع رؤية سيادة رئيس الجمهوريّة، الأستاذ قيس سعيّد، المتّصلة بتحقيق الاستقرار الاجتماعي والتطوّر الاقتصادي وتعزيز الدّور الاجتماعي للدّولة، من خلال وضع سياسة حماية اجتماعيّة مندمجة في سبيل تحقيق الشروط اللاّزمة لضمان العيش الكريم للمواطنات والمواطنين ومحاربة كل مظاهر الإقصاء الاجتماعي وبما يواكب متطلّبات العصر، واستنباط حلول تضمّن تماسك الأسرة وتوازنها بما يساهم في بناء مجتمع متوازن يكون بدوره ركيزة لتحقيق الرّخاء والتّنمية العادلة والمدمجة.
وأكّد على أنّ الثّورة التّشريعية المنشودة تتطلّب مراكمة المنجزات وتطوير واستنباط حلول مجدّدة ومبتكرة تستوعب هذه المتغيّرات والتحوّلات العميقة التي تشهدها الأسرة وتوفّر المعالجة المناسبة لها مشدّدا في هذا الإطار على ضرورة مراجعة القانون المتعلّق بإحداث صندوق ضمان النّفقة وجراية الطّلاق المؤرّخ في 5 جويلية 1993 لتحسين وتنويع تدخّلاته وخدماته الموجّهة للمطلّقة وأبنائها التي تعذر تنفيذ الأحكام القضائيّة الباتّة لفائدتها نتيجة تلدّد المُدين وعُسره وتوفير رعاية اجتماعيّة وصحيّة ومرافقة مهنيّة لهم ضمن مقاربة تقوم على تحقيق الاندماج الاقتصادي.
نقائص الإطار التشريعي الحالي
وكانت وزيرة الأسرة والمرأة والطّفولة وكبار السّن، قدمت خلال الجلسة عرضا مفصّلا تضمن الإطار التّشريعي والتّرتيبي لنظام النّفقة وجراية الطّلاق الحالي، والنّقائص التي تشوبه والتي تحدّ من نجاعة تدخلاته، مبرزة في السّياق عددا من التّجارب المقارنة في المجال والتي تمّ الاستئناس بها لإعداد تصوّر جديد لنظام النّفقة وجراية الطّلاق يهدف لتطوير هذا النّظام وجعله أكثر فاعليّة وإنصافا باعتبار أن النفقة وجراية الطلاق تكتسيان صبغة معاشيّة أساسيّة وأداة لتحقيق العدالة الاجتماعيّة وتسهم بشكل كبير في الحفاظ على الكرامة الإنسانية وضمان مقوّمات العيش الكريم وضمانة لحقوق الأبناء والأمهات ولاستقرار الأسرة وحمايتها من التّبعات السلبية لعدم تنفيذ الأحكام المتعلقة بالنفقة وجراية الطّلاق.
تصور جديد لنظام النفقة
ويشمل التصور الجديد لنظام النفقة وجراية الطلاق جملة من المحاور الأساسيّة أهمّها شروط ومدة الانتفاع بتدخلات الصندوق، وشروط الانتفاع بالتغطية الاجتماعية لفائدة المطلقة والابناء في الكفالة، وإكساب المطلّقة المعنية بتدخلات نظام النفقة وجراية الطلاق المؤهلات الإضافية والمهارات الكفيلة بتحسين تشغيليّتها وتيسير إدماجها في الحياة المهنيّة سواء في إطار عمل مؤجّر أو بهدف إحداث مشروع مع التمتع بالمرافقة والمساندة للإدماج وفق إجراءات تفاضليّة. كما يقدم التصور المعروض مسارات تدخل مشروع النظام الجديد للنفقة وجراية الطلاق فضلا عن حوكمة الصندوق وكيفية تبسيط إجراءاته وفرضيات إيجاد مصادر جديدة لتمويله.