التعويل مجددا على البنك المركزي لتمويل الميزانية  عندما يتحول الاستثنائي إلى الدائم

تقدمت وزارة المالية يوم امس الى اعضاء مجلس النواب بمقترح فصل اضافي لمشروع قانون مالية 2025 ،

ينص مضمونه على لجوء الحكومة الى البنك المركزي لتعبئة موارد مالية تقدر بـ7 مليارات دينار يقع سدادها على 15 سنة دون فوائد.

هذا الفصل الذي كشف عنه أمس عدد من نواب المجلس اعاد احياء النقاش المتعلق بمدى سلامة لجوء الحكومة التونسية الى البنك المركزي للحصول على تمويلات لسعد عجز الميزانية، خاصة وان الحكومة لجأت في وقت سابق الى نفس الآلية لتعبئة 7 مليارات دينار لسد عجز ميزانية 2024 قدمت يومها على انها اجراء استثنائي لتغطية احتياجات تمويل ميزانية الدولة.

هذه المليارات السبع التي وجهت وفق مصادر من وزارة المالية الى سداد خدمات الدين الخارجي سبقها لجوء الحكومة سنة 2021 الى البنك المركزي لاقتراض 2,8 مليار دينار لسد عجز الميزانية وسوّق الامر يومها على انه اجراء استثنائي فرضته تداعيات جائحة الكوفيد 19.

هذا الاجراء الاستثنائي الذي لجأت اليه الحكومة لتعبئة اعتمادات مالية لسد عجز ميزانيتها للسنة الثانية على التوالي، يكشف عن صعوبات الولوج الى السوق المالية العالمية والى شدة الضغط المتنامي على السوق المالية المحلية، مما يشير بطرق عدة الى ان الحكومة قد تنتقل من الاستثنائي الى الدوري، اي ان يصبح لجوؤها الى البنك المركزي لتمويل عجز الميزانية عنصرا قارا طالما انها نجحت في الحد من تداعياته على الاقتصاد التونسي خلال 2024.

يبدو ان التقييم الخاص للسلطة التونسية باعتمادها على الية تمويل البنك المركزي للميزانية بشكل مباشر ايجابي يستند الى تحسن التقييم الائتماني لتونس والى تحسن بعض مؤشرات الاقتصاد الكلي كالتخفيض في نسبة التضخم والتحكم في العجز التجاري.

ما تغامر به الحكومة اليوم باللجوء الى البنك المركزي لتعبئة 7 مليارات دنيار لتمويل عجز الميزانية، سيكون عنصرا ينضاف الي صورة اكبر واشمل لتدخل البنك المركزي لفائدة خزينة الدولة والميزانية، ذلك انه وباحتساب القرضين السابقين، سيكون حجم اقتراض الحكومة من البنك في حدو 16,8 مليار دينار، اي ما يعادل 10 ٪ من الناتج المحلي لسنة 2024.

ينضاف الى ذلك حجم الدعم الذي يقدمه البنك المركزي للحكومة عبر أدوات متعددة من بينها التسهيلات القصيرة الأجل (Short-Term Advances) التي يقدمها البنك المركزي التونسي للخزينة العامة والتي تتغير بحسب الاحتياجات الى السيولة ومتطلبات السياسة النقدية والتي وفقًا لآخر البيانات المتاحة بلغت هذه التسهيلات 2.8 مليار دينار تونسي مع نهاية شهر نوفمبر 2024.

هذا دون ان نغفل عن حجم إعادة تمويل سندات الخزينة العامة من قبل البنك المركزي التونسي الذي أشار في اخر احصائياته الخاصة بشهر نوفمبر الى انه يمتلك اصولا تحت خانة اعادة تمويل سندات الخزينة بقمية 11.5 مليار دينار تونسي.

هذه الارقام تبين حجم الضغط المتزايد على البنك المركزي لضمان توفير السيولة اللازمة للخزينة، والتي قد ينظر اليها على انها مراهنة ستكون لها تداعيات آجلة أو عاجلة على استقرار السوق النقدية والمالية في البلاد التي اذا شهدت اي اضطراب سينعكس ذلك مباشرة على الاقتصاد برمته وعلى حياة التونسيين