لا حدود لنا مع بريطانيا…

لا بحرية ولا برية…

لا تاريخ مشترك ولا رابط ثقافي مع بريطانيا…

فقط، عثرت البارحة في أحد المنشورات القديمة بأن السفن التجارية القرطاجية هي من اكتشفت بريطانيا… وصلنا حتى اسكتلندا Scotland…

لكن منذ عشرات القرون لا شيء جمع بيننا وبينهم…

إذا كانت زيارة وزير خارجية بريطانيا David Lammy إلى تونس بتعلة مكافحة الهجرة غير الشرعية فتونس غير معنية بذلك وذلك لسبب بسيط ومعلوم…

النسبة الساحقة من الذين يهاجرون إلى بريطانيا جنسياتهم آسيوية، (هندية، باكستانية، عراقية، إيرانية…)، بل من النادر أن تجد ضمنهم جنسيات أفريقية… وعادة ما يتخذون مسارا غير المسار البحري التونسي… يهاجرون عبر الخط التركي…

من النادر أن تجد مهاجرين أفارقة نحو بريطانيا وإن وجدوا فنسبتهم لا تقارن بمهاجري آسيا، وهذه طبعا تتعلق بروابط تاريخية استعمارية ولغوية…

من يتخذ تونس منطلقا للهجرة نحو ايطاليا وفرنسا تحديدا هم في الغالب أفارقة جنوب الصحراء، أضف إليهم نسبة قليلة من السودانيين…

كل هؤلاء المهاجرين لا حدود لتونس مع بلدانهم… وعليه فهؤلاء المهاجرين يأتون إلى بلدنا من دول مجاورة عن طريق عصابات تهريب وتجارة البشر…

إذن ما هو سر اهتمام بريطانيا بتونس وفي هذا الوقت تحديدا ؟

لا يجب أن ننسى أن بريطانيا لم تعد عضوا بالاتحاد الأوروبي وبالتالي لم تعد ملتزمة لا بسياساته ولا باتفاقاته…

كما لا يجب أن ننسى أن بريطانيا حليف تاريخي للولايات المتحدة الأمريكية، يتبادلان صناعة القرارات الدولية… حتى أن بريطانيا لم تحرك ساكنا عندما صرّح Trump بضرورة ضم كندا للولايات المتحدة وللذي لا يعلم أن كندا تحت التاج البريطاني…

وصول Trump إلى الحكم وتصريحاته العدوانية ضد العديد من الدول ستكون له تداعيات مستقبلية خطيرة حتى ولو قرأنا خبث النوايا من أن تصريحاته تدخل في سياق بروباغاندا ترهيبية ظاهرة لتحقيق أهداف أخرى باطنة… وهذا موضوع آخر…

هناك شيء ما يطبخ تحت نار هادئة… والانجليز معروفون بالطبخ “سلّة سلّة” كما نقول بالتونسي…

الانجليز معروفون بالمكر والخداع والدهاء وما على البعض إلا الإطلاع على تاريخهم في الهند وباكستان والخليج… سياساتهم دوما واقعية ومباشرة كمن يدس السمّ في قارورة عطر فاخرة…

قرطاج اكتشفت بريطانيا منذ عشرات القرون… وبريطانيا تسعى إلى اكتشاف تونس من بوابة ملف مكافحة الهجرة الذي لا يعدو أن يكون سوى سرك انجليزي جديد…

تفكيك هذه الزيارة والاهتمام الفجئي بتونس هو بالأساس شغل مراكز الدراسات والبحوث السياسية… فهل لنا مراكز بحثية في هذا المجال في تونس ؟

The post ماذا يريد الانجليز من تونس ؟….فاطمة مقني القادري appeared first on موقع الصحفيين التونسيين بصفاقس.