بقلم كمال بن يونس

بعد 66 يوما من صمود المقاومة اللبنانية.. 

وبعد عام وشهرين من صمود المقاومة الفلسطينية وحلفائها في المنطقة وفي العالم أجمع ، دخل الاتفاق الجديد لوقف إطلاق النار بين لبنان وسلطات الاحتلال حيز التنفيذ ..

أنجز هذا الانتصار السياسي  بعد 66 يوما أجهضت خلالها قوى المقاومة وحلفاؤها كل محاولات "الالة الحربية الإسرائيلية الضخمة" لاجتياح بيروت وجنوب البلاد ومنطقة البقاع .. رغم الدعم العسكري والمالي الأمريكي والأطلسي غير المسبوق لمجرم الحرب ناتنياهو وحلفائه من " أقصى اليمين المتطرف جدا" الذين تورطوا في نوفمبر 1995 في قتل رئيس رئيس حكومتهم إسحاق رابين بهدف إجهاض الحلقة الثانية من مسار السلام الذي وقع عليه مع الزعيم ياسر عرفات..

فشلت حكومة ناتنياهو وحلفاؤها في تحقيق أهدافهم رغم حجم الخراب والدمار الذي ألحقه القصف الجوي الوحشي لملايين المدنيين في العاصمة بيروت وفي عدد كبير من المدن والقرى من بينها صور وصيدا وطرابلس وقرى وأحياء ذات اغلبية مسيحية ومسلمة ..

فشل ناتنياهو وحلفاؤه من جناح " الصقور" في تل أبيب وواشنطن والعواصم الغربية في التقاط صورة لدبابة واحدة تجتاح بيروت وبقية المدن ، خلافا لما وقع في الاجتياحات الإسرائيلية السابقة منذ سبعينات القرن الماضي.. بزعامة ارييل شارون وايهود باراك وشمعون بيريرز وايهود أولمرت وتسيبي ليفني ..وغيرهم من المورّطين في جرائم حرب ..

وأكد الاتفاق ان الاف أطنان القنابل التي القتها الالة الحربية لقوات الاحتلال على لبنان وفلسطين المحتلة وسوريا لا يمكن ان تغير الواقع الميداني على الأرض .. لأن الحروب لا تحسم ابدا عبر القصف الجوي مهما كانت " نجاحاته " ، بل بعد الحروب البرية ، التي قد تتطور الى " حرب استنزاف طويلة المدى " بين المقاومة الوطنية وقوات الاحتلال " ، مثلما وقع سابقا مرارا في قطاع غزة والضفة الغربية وفي لبنان وسويا والعراق وأفغانستان ...

وكانت نتيجة كل تلك الحروب " انسحاب قوات الاحتلال" وهزيمة " عملائها" والإعلان عن " خارطة طريق جديدة " وعن " إعادة انتشار"جيوش المحتل وحلفائه ..بما في ذاك التي دعمتها حاملات طائرات عملاقة ..

جاء وقف إطلاق النار بعد أيام من هجمات غير مسبوقة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة قامت بها المقاومة اللبنانية والفلسطينية و الأطراف المساندة لها (" قوى الاسناد") ضد تل أبيب وعكا وحيفا والجولان المحتل ومدن ومستوطنات في الشمال والجنوب ..

كما تزامن مع مفاوضات مباشرة وغير مباشرة قام بها مسؤولون امريكيون واسرائيليون مع قادة لبنان والمقاومة و حكومات سوريا والعراق وايران وتركيا وعدد من الدول العربية والإسلامية التي صعدت انتقاداتها ل" جرائم الحرب " الإسرائيلية و" للعدوان على لبنان وفلسطين وخاصة على قطاع غزة ..

ويبدو أن من بين العوامل التي سهلت مزيد الضغط على حكومة ناتنياهو قرار محكمة الجنايات الدولية الذي أدان رسميا ناتيناهو ووزير الحرب السابق غالنت وأصدر قرارا واضحا يأمر كل دول العالم باعتقالهما باعتبارهما مدانين في "جرائم حرب" ضد ملايين المدنيين في فلسطين المحتلة وخاصة في غزة المنكوبة منذ عشرات السنين بالاحتلال والحصار والتجويع وحروب الابادة..

كما توحي مؤشرات عديدة بإصدار قرار رسمي في " كواليس المطبخ السياسي " في واشنطن وعدة عواصم عالمية بإيقاف حروب أوكرانيا وغزة والضفة ولبنان والمنطقة ، قبل مراسم تسليم الحكم من إدارة جو بايدين الى إدارة دونالد ترامب الذي يبدوان اولويته ستكون " الحروب التجارية والاقتصادية " مع منافسي الولايات المتحدة أي الصين ودول الاتحاد الأوربي والعمالقة الجدد في اسيا .. بما في ذلك عبر فرض مزيد من الضرائب على صادراتها نحو السوق الامريكية ..

في كل الحالات ، ومهما كانت اهمية الرسائل السياسية التي وجهها صمود الشعب اللبناني ومقاومته طوال 66 يوما وقبل ذلك منذ 7 أكتوبر 2023 ، فلا بد أن تعطى الأولوية المطلقة مجددا " للقضية الأم " ، أي قضية " إيقاف العمليات العسكرية ضد قطاع غزة " وإنهاء احتلال فلسطين وإيقاف الحرب العدوانية وسياسات الحصار والتجويع والميز العنصري المفروضة ضد ملايين المدنيين في قطاع غزة وفي الضفة الغربية والقدس العربية المحتلة ..

تحقيق  مثل هذه المهمة يستوجب تحركا عربيا واسلاميا ودوليا وامنيا اكثر جدية مع استخدام كل أوراق الضغط الممكنة .. قبل ان تنفجر الألغام مجددا في وجه الجميع ..شرقا وغربا ..شمالا وجنوبا ..

بعد ذلك لكل حادث حديث ..ويمكن ان تنظم جلسات مغلقة للنقد والنقد الذاتي وتقييم غلطات كل الأطراف منذ 7  أكتوبر 2023 وقبله ..